تعليق احد الحضور:
نبيلة حسني محجوب طالبات الدولي.. واللغة العربية
نبيلة حسني محجوب
أنا عربي وأحب لغتي، شعار الاحتفال بيوم اللغة العربية، في قسم التعليم الدولي.
لم يكن احتفالا عاديا، ولم يكن كما تخيَّلت وأنا أُغادر عادتي اليومية، وأستيقظ مبكراً كي أُدرك بداية الحفل ووقته المبكر جداً بالنسبة لي - يوماً ثقيلاً أو مرهقاً ومملاً، بل مر الوقت من العاشرة صباحاً حتى تجاوز الثانية عشرة والنصف ظهراً، في جمالٍ وتناغم، بل متعة الأداء المتقن، وجمال اللغة العربية، شعراً ونثراً، الصغيرات أجدن بشكلٍ مبهر التحدُّث باللغة العربية الفصحى في حواراتهن المسرحية، وفي مسابقتي «تحدي الإملاء وتحدي الخط»، أبهرت الصغيرات «من الصفوف الرابع والخامس والسادس» الحاضرات، بسرعتهن وتفوقهن في تهجي الكلمات العربية الصعبة، كذلك تفوقن في إلقاء أصعب أبيات الشعراء العرب كهذه الأبيات:
أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ
إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ
عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد قُد جُد مُرِ اِنهَ رِفِ اِسرِ نَل
غِظِ اِرمِ صِبِ اِحمِ اِغزُ اِسبِ رُع زَع دِلِ اِثنِ نُل/ (أبوالطيب المتنبي).
فَهِي هِي وهِي ثمَّ هِي هِي وهي وَهِي
مُنىً لِي مِنَ الدُّنيا مِنَ النَّاسِ بالجُمَل
ألا لا أَلَا إِلَّا لآلاءِ لابِثٍ
ولا لَا أَلَا إِلا لِآلاءِ مَن رحل
فكَم كَم وكَم كَم ثمَّ كَم كَم وكَم وَكَم
قَطَعتُ الفَيافِي والمَهَامِهَ لَم أَمَل
وكافٌ وكَفكافٌ وكفِّي بكفِّه
وكافٌ وكفُوفُ الوَدقِ من كفِّها انهمل
فَلَو لَو ولَو لَو ثمَّ لَو لَو ولَو ولَو
دَنَا دارُ سَلمى كُنتُ أَوَّلَ مَن وَصَل
وعَن عَن وعَن عَن ثمَّ عَن عَن وعَن وَعَن
أُسَائِلُ عَنها كلَّ مَن سَارَ وارتَحَل/ (امرؤ القيس).
أبيات صعبة أرهقتني في كتابتها، كيف تمكَّنت الصغيرات من حفظها وإلقائها على المسرح بكل تلك العذوبة والجمال، ودراستهن بغير اللغة العربية؟!.
كم انتقدنا المدارس الدولية والتعليم الدولي، لأنه يُغيِّر هوية الأجيال اللُّغوية، لكن بعد حضور ذلك الحفل، تأكَّدت أن المسؤولين/ات عن تلك المدارس، يمكنهم ترسيخ الهُوية اللغوية لأبنائنا في أذهان ووجدان الأجيال، كي يمكنهم التحدث والإبداع بها أيضاً، العيب ليس في المناهج، بل فيمن يقدم تلك المناهج، من ينسلخ عن هُويته، ويهمل تزويد الطلبة والطالبات بأصول لغته العربية.
الأستاذة عواطف مراد، منذ أسَّست مجموعة المدارس، وهي حريصة على أن تمكن مخرجات مدارسها من كافة المهارات والقدرات، حتى التربية، فهي موضوع أساس في مدارسها، لذلك عندما تم تكريم طالبات الصف السادس على أدائهن خلال الفصل الدراسي الأول، كان اللافت أو المبهر لي إلمام مديرة القسم ومساعدة مؤسسة المدرسة الأستاذة سامية مراد بكافة التفاصيل عن الطالبة، سلوكها اليومي في المدرسة، تعاملها مع زميلاتها، طاولة الدراسة، مهاراتها المختلفة، كانت تقدم لكل طالبة سيرة خُلقية وسلوكية ودراسية خلال الفصل الدراسي.
لم يكن يتخيل أحد من الحاضرات أن يشاهد مسرحية عن الكتاتيب على مسرح المدرسة، تُقدِّمه طالبات القسم الدولي، لكنه مسعى المدرسة لوصل وشائج المعرفة بالتراث.
باء باء تحته نقطة، تاء تاء نقطتين من فوق، حاء حاء ما فيه شي، خاء خاء فوقه نقطة، جيم جيم بطنها نقطة.
تقول طالبة: أستاذة يعني الجيم جيعانة، ويضحك الجميع. ثم تقول المعلمة هيا نكمل: خَ خِ خُ دَ دِ دُ.
في ذلك الصباح احتفلت المدرسة التي درست فيها بناتي من المرحلة الابتدائية إلى التخرج من الثانوية، ودرس فيها أحفادي وحفيداتي من مرحلة الروضة، أحدهم تخرَّج منها، والآخر هذا العام تخرجه من المرحلة الثانوية، وأصغرهم اتصل بي لأسأل مديرة قسم الروضة عن مصيره بعد انتهائه من الصف الثالث روضة، أين يذهب، كان هاجس في صدر الصغير يُقلقه خوفاً من مغادرة المدرسة، هي حقاً بيتهم الصغير ودار للمعرفة، أتحدث عن تجربة، وأتمنى من الله أن يستمر عطاء عواطف مراد تُساعدها شقيقاتها: ثريا، سامية، عائشة، وفاء، كما أتمنى أن تكون هذه المجموعة أنموذجاً لمدارس التعليم الخاص والعام، الدولي والعربي.